فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }الرحمن46بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، اللُّهُمّ صلِّ على سيدِّنا مُحَمَّدٍ ، وعلى آلهِ ، وأزواجهِ ، وذُريَّتهِ ، وأصحابهِ ، وإخوانهِ ، منْ الأنبياءِ والمُرسلينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالحينَ ، وعلى أهلِ الجنَّةِ ، وباركْ عليهِ وعليهمْ وسَلِّمْ ، كما تُحبهُ وترضاهُ يا اللهُ آمين أخي القارئ الكريم ، أعزَّكم الله تعالى ، قد ثبََتَ في الصَّحيح ( صحيحُ البخاريّ ) - عنْ سيدِّنا رسولِ اللهِ ، صلِّ ياربِّ عليهِ وعلى آلهِ وباركْ وسلِّم ْ ، الصَّادقِ الأمينِ الذي ، لا يَنْطِقُ عنْ الهوى ، انه ، قال : [ كانَ رجلٌ مِمَنْ كانَ قبلكم يُسيءُ الظَّن بعملهِ ، فقال : لأهله ، إذا أنا متُ ، فخذوني فَذَرُّوني في البحر في يومٍ صائفٍ !! ، ففعلوا به ، فجمعهُ اللهُ ، ثُمَّ قال : ما حملك على الذي صنعت ؟ ، قال : ما حملني إلا مخافتكَ فغفر له ] 0إيضاح:- [( رجلٌ ) من بني إسرائيل ، ( يسيء الظن ) يتوقع أن يناله بسببه عقاب شديد ، ( بعمله ) الذي كان معصية وكان ينبش القبور ويأخذ ما فيها ، ( فذرُّوني ) فرقوا أعضائي وألقوها أو فرقوا رمادي بعد حرقي ، ( صائفٍ ) شديد الحر حتى تتمزق أعضاؤه وتتبعثر أو تفرق الرِّيح رماده بشدةٍ ]0
الدروسُ والعبرُ
1- إنَّ كلَّ إنسانٍ عاقلٍ ، لا بُدَّ ، أن يُحاسب نفسهُ ، وهو يُدرك ، انهُ لم يُخلق سُدى ، وانَّ هناكَ يوم الحسابِ ، حيث يُكافئُ المُحسن إحساناً ، ويُعاقب المُسيء أو يعفى عنهُ ، وهذه هي الفطرة السَّليمة التي فطرَ اللهُ تعالى عليها كلّ البشرِ ، حيثُ قالَ سُبحانهُ وتعالى : {
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }الروم30 ، و قد ثبتَ عنْ سيدِّنا رسول اللهِ قولهُ : (
مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) رواه البخاريّ
2- إنَّ ضعفَ الإنسان ، والشُّعور بالتقصيرِ ، أمام عظمة الخالقِ ، جعلت هذا العبد ، يعشق الفناء الجسدي ، تصوراً منهُ ، انهُ سوف ينجو من لقاءِ اللهِ تعالى ، مِمَّا جعلهُ يوصي أهلهُ بفناءِ جسده وتضييع رماده في الأرضِ ،
قال تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً }مريم 66 ، وقال سُبحانه: { إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }المؤمنون 37
، وقال سُبحانهُ مُبيِّناً إنكار الإنسان ليوم البعث : { وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }الإسراء49 ، ونسى الإنسان : أنَّ اللهَ تعالى هو المُبديء المُعيد ، والذي اوجد الخلقَ من العدمِ ، فهو أهونُ عليهِ إعادتهم ، قال تعالى: { مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }لقمان28 ، بل هو قادرٌ على إعادة بنان الإنسان ، قالَ سُبحانه : ]{2} أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ{3} بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ {4} سورة القيامة
3- الخوفُ من اللهِ واجبٌ على كلِّ إنسانٍ ، والخوفُ من اللهِ تعالى عبادة ،
وهو سمة الإنسانِ المُؤمنِ ، قال تعالى : {
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175 ، فبالخوفِ منْ اللهِ تعالى ، تستقيمُ النفوسِ ، وتبتعد عن الظُلمِ والذي هو ظلماتٌ يوم القيامةِ ، وترقى في مراتبِ الإيمانِ ، فتفوز بسعادةِ الدُّنيا والآخرة ، قال سُبحانهُ وتعالى :
d]وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{40} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{41} ] سورة النازعات
4- والخوف من الله تعالى ، صفة من صفات الاملئكة المكرمين ، قال تعالى فيهم : { يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }النحل50 ، وال