نزول المصيبة بعبد أو بلد لا يعني فضل الآمنين عليه، ولكنه يعني حتماً
أنّ المصيبة بسبب ذنب، وقد تكون عقوبة وقد تكون تكفيراً وقد تكون غير ذلك
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير )
( وما أصابك من سيئة فمن نفسك )
وقد تنزل المصيبة بعباد وبلاد تكفيراً لذنوبهم وترفع عن آخرين إستدراجاً وإبقاءً لذنوبهم
وكلهم مذنب وقد يكون السالم أكثر ذنباً فيكون نزول
المصيبة على من نزلت عليه رحمة ومحبة
ومن رفعت عنه غضباً وبغضاً
وقد لا تنزل المصيبة بعبد لمبادرته بالتوبة والإنابة
وإنّ من الإغترار وضعف الإيمان تجاهل ربط المصائب بالذنوب
( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون)
ومحاولة التجاهل لربط المصائب بالذنوب
والتعلق بأقيسة كونية وتحليلات مادية قد تقع من العقلاء في حالة ذهول
( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ الله على كل شيء قدير)
ولأن النفس مفطورة على عدم الإقرار بالخطأ والتبرؤ منه
ففي صحيح مسلم ( عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك
فقال : هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم؟ قال: من مخاطبة العبد ربه
يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى قال: فيقول:
فأني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال فيقول:
كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً
قال: فيختم على فيه فيقال: لأركانه أنطقي قال: فتنطق بأعماله
قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام قال فيقول: بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل )
وكثيراً ما يبحث الناس عن أسباب حسية لرفع البلاء وهذا أمر كوني مطلوب
ولكن جَعل الله ذلك سبباً للغفلة عن الذنوب والتوبة منها خطأ لا يليق
بعارف بسنن الله الكونية في الأمم ولا مدرك لسنن الله الشرعية في كتبه
الأخذ بالأسباب المادية مطلب كوني والتغافل عنها سذاجة
فنوحٌ حينما دنى الطوفان منه ركب الفلك وأما إبنه فركب قمّة الجبل
وكلها أسباب مادية صحيحة فنجى نوحٌ بفلكه الضعيف بسبب طاعته
وهلك إبنه على جبله العظيم بسبب ذنبه
ولو توقّى الناس من المنكرات كما يتوقون السيول لكفاهم من الأسباب القليل