كل الآيات التي فيها متشابهات يجب أن نؤولها على أحسن الحالات لسيد السادات
صلى الله عليه وسلم والأحداث التي وردت في بعض كتب السيرة وفيها نقيصة لا
نصدقها فإذا كان ربنا يقول له {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وقد
حفظه وعصمه ورعاه صلوات ربي وسلامه عليه؟ فإذا أخذنا القضية بموضوعية نجد
اليهود يريدون أن يقولوا: أن هذا الرجل فعلنا فيه ما نريد حتي أنهم يدَّعون
أنه مات ودرعه مرهون عند أحد اليهود وهل عندما انتقل النَّبِيُّ كان هناك
يهوديٌّ في الجزيرة العربية كلها؟ أبداً ومن اليهودي الذي يقترض النَّبِيُّ
منه ويعطيه درعه؟ وأين كان عثمان بن عفان؟ وعبد الرحمن بن عوف؟ وأين
أغنياء الأنصار؟ ويقولون: أن السيدة عائشة تقول (كان يمر علينا الشهر
والشهران ولا يوقد في بيتنا نار) وهذا الكلام صحيح ويرجع سببه لكرم الأنصار
فالأنصار كَرَمُهُم عَمَّ النَّبِيَّ المختار وكان من ضمنهم سيدنا سعد بن
معاذ فكان لابد أن يرسل في الصباح جفنه مملؤة فتيتاً ولحماً وجفنه آخر
النهار وهذا واحد من ضمن الأنصار فلماذا يطبخون؟
وقد ورد في
الروايات الصحيحة: أنه صلى الله عليه وسلم كان له من الأموال ما يغطي عدد
كبير من الرجال من أين جاءت له؟ من فضل الله فأول غزوة لحضرة النَّبِيِّ -
غزوة بدر - جاء أحد اليهود وكان أغني أغنياء اليهود وكان اسمه "مخيرق" وذهب
إلى اليهود وقال لهم: يا معشر اليهود تعلمون أن محمداً نبيٌّ مرسلٌ
فاخرجوا معه قالوا: لا. قال أُشهِدُكُم أني لو متُّ فإنَّ مالي كلَّه
لمُحَمَّدٍ فخرج واستشهد وأخذ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالَهُ كلَّه
وهناك غير ذلك الخُمس وكذا نصيبه في خيبر فقد ورد أنه كان عنده أربعمائة
رأس من الغنم موجودة في بيته يحلبها لضيوفه ولنفسه ولأهله وكان عنده داجن
(دواجن) وكانت الدواجن معلَّمة تقول فيها السيدة عائشة (كانت لنا داجن تصيح
وتعلو بصياحها ولها ضجيج فإذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم حجراته سكن
فلم يُسمع لهن صوت قطّ)[1] حتي الدجاج مؤدب مع حضرة النبي صلى الله عليه
وسلم لماذا نأخذ التفسير الآخر ونقول أنهم كانوا لا يوقدون النار شهرين
لعدم وجود ما يوقدون عليه؟ من الذي قال هذا الكلام ؟
وَرَاوَدَتْهُ الجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهَبٍ عَنْ نَفْسِهِ فَأَرَاهَا أَيَّمَا شَمَمِ
فكان
أغني الأغنياء وكان كما يقول الأعداء (يعطي عطاء من لا يخشي الفقر) وكانوا
يقولون فيه (لا تطيب بنفس هذا إلاَّ مَلَكٌ) ذهب إليه رجل وقال: أعطني مما
أعطاك الله فأعطاه غنماً تملأ ما بين جبلين وقال: هذا كله لك فقال: لا
تطيب بنفس هذا مَلِك غَنَمٌ بين جبلين يجود بهما؟ فلماذا نقول: أن
النَّبِيَّ عاش فقيراً؟ حتي لا يخش الناس الفقر مثل هذا لا ينبغي أن
نردِّده فالنَّبِيُّ لم يكن فقيراً وإنما كان غنيًّا بالله مثل هذه الأمور
يجب أن ننتبه لها ويروي الرواة : أن اليهود بعد هزيمتهم في خيبر اجتمع نفرٌ
منهم سرًّا واتفقوا على أن يدسُّوا السُّمَّ للنَّبِيِّ في طعامه وبذلك
يقضون على رسول الله ويعاد لليهود مكانتهم ويثأروا من مواقف النَّبِيِّ
معهم ويحققوا أملهم الذي انتظروه من مئات السنين ويخلوا لهم عالم الدنيا
بعد ذلك ووقع اختيارهم على زينب بنت الحارث فهي صدِيقة صفيَّة زوجة رسول
الله
وطلبوا منها أن تذهب إلى بيت رسول الله وتسأله عن أي الطعام
أحبَّ إليه لتهديه إليه بمناسبة زواجه من صديقتها صفيَّة ونفذت زينب بنت
الحارث ما أُمْلِيَ عليها وعلمت من رسول الله أنه يقبل هديتها: شاةً
مشويَّة فإن أحبَّ أجزائها إليه الذراع وجاءت زينب إلى الرسول صلى الله
عليه وسلم بالشاة المسمومة الذراع وقدمتها إلى رسول الله وكان معه بِشْرُ
بن البراء بن معرور ولكن رسول الله ما كاد يتذوق الذراع حتي ردَّه وما أكله
وقال (واللهِ مَا أَظُنُّ إِلاَّ أَنَّهُ السُّمُّ)[2] وتوقف عن الأكل ولم
ينته بِشْرُ عن الاستمرار إلا بعد أمر النبي له بالتوقف ولكن السمَّ كان
كثيراً وقويًّا فانتشر في دمه فوقع بِشْرٌ لتوِّه ميتاً وأمر النَّبِيُّ
فجاءوا بزينب بنت الحارث واعترفت لرسول الله عن جانب من المؤامرة وبرَّرَتْ
تصرفها بأنها موتورة فقد مات الكثيرون من أهلها في حرب المسلمين وأذلَّ
الله على يد النَّبِيِّ قومها وضاعت هيبتهم ولم تعد لهم مكانة بين الناس
فتركها النبي وحفظ الله رسوله صلى الله عليه وسلم ولكن آثار السُّم كانت
كامنة في أمعاء رسول الله
ومن أجل هذا يُروي: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يشكو في مرضه الأخير من معدته مع شكواه من صداع في رأسه حتي
ليقول مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلي (أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد قال في مرضه الذي توفي فيه، عندما دخلتْ عليه أخت بشر بن البراء بن
معرور تعوده (يا أخت بشر إن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبْهري من الأكلة
التي أكلت مع أخيك بخيبر) واليهود يريدون بذلك إظهار أنهم قتلوا حضرة النبي
ويؤولها علماؤنا عن حسن نيَّة ويقولون: حتي يموت شهيدا. كيف وهو لم يأكل؟
فقد وضعت السُّمَّ في الذراع الذي يحبُّه وعند أخذه للذراع ورفعها إلى فمه
قال (إِنَّ الذراع تقول لي: لا تأكل منِّي فإنِّي مسمومة) فهو في هذا الأمر
لم يأكل منها فأين السُّمُّ الذي دخل جسمه؟ والسُّم إذا دخل الجسم هل سيظل
ثلاث سنوات؟ حتي يقولوا أن اليهود هم الذين أماتوه ولذلك فهذه روايات
عليها مسحة يهودية ولذلك لا نقبلها أبداً
[1] كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض
[2] وفى رواية أن الذراع هو الذي أخبره بذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم